http://up.dvd4arab.com/up/files/12022555.gif
http://up.dvd4arab.com/up/files/anabull1.gifالصدق
إن الله خلق السموات والأرض بالحق وطلب إلى الناس أن يبنوا حياتهم على الحق فلا يقولوا إلا حقاً ولا يعملوا إلا حقاً وحياة البشر وشقوتهم ترجع إلى ذهولهم عن هذا الأصل الواضح وإلى تسلط أكاذيب وأوهام على أنفسهم وأفكارهم أبعدتهم عن الصراط المستقيم وشردت بهم عن الحقائق التى لابد من إلتزامها .
ومن هنا كان الإستمساك بالصدق فى كل شأن وتحريه في كل قضية والمصير إليه فى كل حكم دعامة ركينة فى خلق المسلم وصبغة ثابتة فى سلوكه وكذلك كان بناء المجتمع فى الإسلام قائماً على محاربة الظنون ونبذ الإشاعات وإطراح الريب فإن الحقائق الراسخة وحدها هى التي يجب أن تظهر وتغلب وأن تعتمد فى إقرار الحقائق المختلفة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
رواه البخارى
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى مالا يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة
رواه الترمذى
والإسلام لإحترامه الشديد للحق طارد الكذابين وشدد عليهم .
عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت
ما كان من خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة فما يزال فى نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث فيها توبة
رواه ابن حبان
http://up.dvd4arab.com/up/files/264649649.gif
وكان السلف الصالح يتلاقون على الفضائل ويتعارفون بها فإذا أساء أحدالسيرة وحاول أن ينفرد بمسلك خاطىء بدا بعمله هذا مريضاً بين الأصحاء فلا يطيب له مقام بينهم حتى يبرأ من علته
وكانت المعالم الأولى للجماعة المسلمة صدق الحديث ودقة الأداء وضبط الكلام
< والكذب رذيلة محضة تنبىء عن تغلغل الفساد فى نفس صاحبها وعن سلوك ينشىء الشر إنشاء >
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب
رواه أحمد
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكون المؤمن جباناً ؟
قال : نعم
قيل له : أيكون المومن بخيلاً ؟
قال : نعم
قيل له : أيكون المؤمن كذاباً ؟
قال : لا
رواه مالك
واعلم أخى المسلم أنه كلما اتسع نطاق الضرر إثر كذبة يشيعها أفاك جرىء كان الوزر عند الله أعظم فالصحافى الذى ينشر على الألوف خبراً باطلاً والسياسى الذى يعطى الناس صوراً مقلوبة عن المسائل الكبرى وذو الغرض الذى يعتمد سوق التهم إلي الكبراء من الرجال والنساء أولئك يرتكبون جرائم أشق على أصحابها وأسوأ عاقبة
والكذب على دين الله من أقبح المنكرات وأول ذلك نسبة شىء إلى الله أو إلى رسوله لم يقله وهذا الضرب من الإفتراء فاحش فى حقيقته وخيم فى نتيجته
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كذباً على ليس ككذب على أحد فمن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار
رواه البخارى
والإسلام يوصى أن تغرس فضيلة الصدق فى نفوس الأطفال حتى يثبتوا عليها وقد ألفوها فى أقوالهم وأحوالهم كلها
فعن عبد الله بن عامر
دعتنى أمى يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فى بيتنا
فقالت : تعال أعطك
فقال لها صلى الله عليه وسلم : ما أردت أن تعطيه ؟
قالت : أردت أن أعطيه تمراً
فقال لها : أما أنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة
رواه أحمد
وقد مشت الصرامة فى تحرى الحق ورعاية الصدق حتى تناولت الشئون المنزلية الصغيرة
عن أسماء بنت يزيد
قالت : يا رسول الله إن قالت إحدانا لشىء تستهيه لا أشتهيه يعد ذلك كذباً ؟
قال : إن الكذب يكتب كذباً حتى تكتب الكذيبة كذيبة
رواه مسلم
http://up.dvd4arab.com/up/files/3654694964.gif
وقد أحصى الشارع مزالق الكذب وأوضح سوء عقباها حتى لا يبقى أحد منفذ إلى الشرود عن الحقيقة أو الإستهانة بتقريرها فالمرء قد يستهل الكذب حين يمزح حاسباً أن مجال اللهو لا حظر فيه ولكن الإسلام الذى أباح الترويح عن القلوب لم يرض وسيلة لذلك إلا فى حدود الصدق المحض
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للذى يحدث بالحديث ليضحك منه القوم فيكذب ويل له ويل له
رواه الترمذى
وقال : أنا زعيم ببيت فى وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً
رواه البيهقى
وتمدح الناس مدرجة إلى الكذب والمسلم يجب أن يحاذر حينما يثنى على غيره فلا يذكر إلا ما يعلم من خير ولا يجنح إلى المبالغة فى تضخيم المحامد ومهما كان الممدوح جديراً بالثناء فإن المبالغة فى إطرائه ضرب من الكذب المحرم وهناك فريق من الناس يتخذ المدائح الفارغة بضاعة يتملق بها الأكابر ويصوغ من الشعرالقصائد المطولة ومن النثر الخطب المرسلة فيكيل الثناء جزافاً ويثنى بما لا يعرف وربما وصف بالعدالة الحكام الجائرين ووصف بالشجاعة الأغبياء الخوارين ابتغاء عرض من الدنيا عند هؤلاء وأولئك وهذا الصنف من الناس أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمطاردتهم حتى يعودوا إلى رشدهم
عن أبى هريرة قال
أمرنا رسول الله أن نحثو فى وجوه المداحين التراب
رواه الترمذى
والمداحين المقصودين هنا هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة يستأكلون به الممدوح فأما من مدح على الأمر الحسن والفعل المحمود ترغيباً فى أمثاله وتحريضاً للناس على الإقتداء به فليس بمداح والتاجر قد يكذب فى بيان سلعته وعرض ثمنها ومن المشترين رجال يقبلون على الباعة وهم قليلو الخبرة سريعو التصديق لما يقال لهم فمن الإيمان ألا تستغل سذاجتهم فى كسب مضاعف أو تغطية عيب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق وأنت له كاذب
رواه البخارى
وقال : لا يحل لإمرىء مسلم يبيع سلعة يعلم أن بها داء إلا أخبر به
رواه البخارى
http://up.dvd4arab.com/up/files/441634163216.gif
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدس الكلمة التى يقول ويحترم الكلمة التى يسمع وكان ذلك شارة الرجولة الكاملة فيه حتى قبل أن يرسل إلى الناس وقد يندفع الإنسان إلى الكذب حين يعتذر عن خطأ وقع منه ويحاول التملص من عواقبه وهذا غباء وهوان وهو فرار من الشر إلى مثله أو أشد
والواجب أن يعترف الإنسان بخطئه فلعل صدقه فى ذكر الواقع وألمه عما بدر منه يمسحان هفوته ويغفران زلته ومهما هجس فى النفس من مخاوف إذا قيل الحق فالأجدر بالمسلم أن يتشجع وأن يتحرج من لوثات الكذب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تحروا الصدق وإن رأيتم أن الهلكة فيه فإن فيه النجاة
رواه ابن أبى الدنيا
وقال أيضاً : إذا كذب العبد تباعد الملك عنه ميلاً من نتن ما جاء به
رواه الترمذى
والصدق فى الأقوال يتأدى بصاحبه إلى الصدق فى الأعمال والصلاح فى الأحوال فإن حرص الإنسان على إلتزام الحق يجعل ضياء الحق يسطع على قلبه وعلى فكره
يقول الحق تبارك وتعالى
"يَاأَيُهَا الَذِيْنَ آَمَنُوا اتَقُوا اللَه وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيْداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللََهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيْماً"
سورة الأحزاب الآيتين 70و71
وبالطبع فإن نجاح الأمم فى رسالتها يعود إلى جملة ما يقدمه بنوها من أعمال صادقة فإن كانت ثروتها من صدق العمل كبيرة سبقت سبقاً بعيداً وإلا سقطت ففى عرض الطريق
وللننظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر والبر يهدى إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً
رواه البخارى
وبذلك نرى أن الفجور الذى يهدى إليه إدمان الكذب هو المرحلة الأخيرة لضعة النفس وضياع الإيمان وأما البر الذى هدى إليه الصدق فهو قمة الخير التى لا يرقى إليها إلا أولو العزم من الرجال