عبدالكريم حشيش
كان المسينجر مثل بوابة جديدة، رحت أطل منها، علي عالم غريب وفريد.
عوالم المسينجر تبدو حقيقية، ولا تكاد تشك للحظة واحدة أنك تحكي مع أشباح.
في هذا العالم الغريب أنت مثل المسحور، وتكون في حال أقرب إلي ذلك النائم مغنطيسياً، وتظل تتقيأ اعترافات لا أول لها ولا آخر، غير أنك وأنت في مثل هذه الحالة تكون دافئاً جداً، وتجتاحك رقة وعذوبة لا تنتمي إليك فتكون ودوداً جداً مع من تحادثهم، سواء كانوا رجالاً أو سيدات، شباباً أو فتيات.
وكانت أغرب محادثة تلك التي طلعت لي علي المسينجر وكان اسمها سحر، وذكرت لي أنها تحدثني من القاهر، وبعد مقدمات التعارف وخلافه قالت لي في أدب جم: ممكن أطرح عيك بعض الأسئلة؟
قلت متعجلا"ً: بكل سرور.
هل أقول لكم توقعاتي لنوعية الأسئلة التي تصورت أن سحر تريد لها أجوبة مني؟
حسناً.. قلت في نفسي أكيد ستسألني عن عمري، وأين أقطن، وهل أنا حر أم مقيد يعني متزوج أم أعزب، إلي آخر مثل هذه الأسئلة المعتادة والمكررة بين زبائن المسينجر.
لكن سحر فاجأتني، ولم تأت علي أياً من هذه الأسئلة، وكان سؤالها الأول كالتالي:
هل يحدث أحياناً أن تنتابك حالات اكتئاب لا تجد لها مبرراً واضحاً؟
قلت: أي والله، نعم.
قالت: هل يحدث أحياناً أن تضبط نفسك مشاهداً للحياة وتعجز عن المشاركة؟
قلت: اي والله. نعم، ثم أضفت: وكأنك تقرئين أسرار نفسي؟!
قالت سحر: وأحياناً لا تجد المعني جلياً فيما يحدث حولك أو فيما تفعله أنت؟
قلت: نعم نعم.
قالت: أو أن تتلبسك نوبة غضب جامحة حول أمر تافه، وتستغرب رد فعلك؟
قلت: اي والله، وآخر مرة كانت بالأمس، حيث انفعلت غاضباً في وجه زميل رقيق جداً يدعي عماد السيلاوي، رغم أنه لم يفعل معي أي شيء، بل ولم يكن يتحدث لي ومع ذلك انفجرت فيه غاضباً!
قالت: أحيانا"ً يصعب عليك النوم، وعندما تنام تأتيك أحلام مزعجة قد تتذكرها أو لا، وتصحو في حالة ثقل وعدم ارتياح؟
قلت: أقسم بالله أن هذا صحيح، وتشهد علي ذلك زوجتي الحبيبة الصابرة، أم محمد.
قالت: يحدث أن تستغرقك أحلام اليقظة، فلا تركز في العمل الذي بين يديك؟
قلت: طبعاً لا أستطيع كتابة ما قلته لسحر، وإلا فإن الراية ستضطر لفصلي من العمل بتهمة عدم التركيز في العمل!
أتدرون ماذا قالت بعد ذلك؟
قالت ما لم أقدر علي فهمه، قالت: احذر فإن اللاوعي قد جاءك وأنت لست مستعداً له، ولا مالكاً لأدوات التعامل معه، وتابعت سحر: لقد جاءك وسيظل يزعجك ويقض عليك مضجعك حتي يجبرك علي التحاور معه، ثم سألتني سحر: هل أنت مستعد لهذا الحوار، وقبل أن أجيب ب
