رأي الوطن.. الصناعات الحرفية..هوية وطنية

الصناعات الحرفية في بلادنا هي احد المتون التي حملت الى العالم معالم حياة المواطن العماني على اختلاف مراحل تاريخه ، ذلك لأن هذه الصناعات وإن تكن قد تحولت في معظمها الى تراث يعرض في المتاحف، إلا انها كانت محور حياة الانسان العماني ومحرك اقتصاده واقتصاد الدولة ايضا في تلك العهود السابقة ، وهي تحمل عبق التاريخ العماني وملامح الصناع المهرة الذين كانوا يجيدون تصنيع هذه الحرفيات للاستعانة بها في البيت وموقع العمل سواء كان مزرعة او مصنعا ، ومع تطور الحياة الحديثة تنحت هذه الادوات عن كونها وسائل حياة الى معالم تراثية تنهض الهيئة العمانية للصناعات الحرفية بالحفاظ عليها ، وعرضها في المتاحف وايضا تطويرها واضافة مبتكرات محلية عليها لتقوم بدور اقتصادي ايضا من خلال الترويج السياحي او تسويقها كمنتج عماني خالص وجذاب يجسد الدور الحضاري لمجتمعنا العماني.
ونحن الآن امام كم هائل من المسميات لهذه الحرفيات والتقسيمات بحسب استخدام كل منتج وهي مسميات رائجة مثل السعفيات والخزفيات والفخاريات والنسجيات والادوات الزراعية والصناعة المنزلية ، والتمعن فيها يميط اللثام عن جهد عقلي واضح للمواطن العماني ودأب على التطوير المستمر لتوفير الجهد والوقت والمال ، حيث كانت الصناعات الحرفية تمثل اكتفاء ذاتيا من ادوات الانتاج التي تخلينا عنها ولجأنا الى استيراد ادوات انتاج او ادوات زينة من دول طورت صناعتها الحرفية لتصبح مصدر دخل كبيرا لاقتصادها وبخاصة دول جنوب وجنوب شرق آسيا.
ونظرا لإدراك قيمة هذا التراث الحرفي في حياة العماني وإمكانية الاستمرار في تطويره ، أولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ جل اهتمامه لهذا القطاع الحيوي الأكثر رسوخا في تاريخنا الممتد ، ووفر الدعم اللازم للارتقاء بالصناعات الحرفية العمانية لتصبح مصدر دخل للفرد ودعما للاقتصاد الوطني في نفس الوقت ، الى جانب قيمتها الرمزية الكبيرة ، بالنظر الى توافر الخامات الاساسية محليا لهذه الصناعات وكذلك توارث مهارات انتاجها من جيل الى جيل. والحقيقة انه بالنبش في اصل المنتجات الصناعية الحديثة ومخرجات التكنولوجيا والعلم الحديث فسنجد لها جذورا حرفية، ولكن يبقى للمنتج الحرفي ، الذي يصنع يدويا ، حتى اليوم زخمه ومذاقه الخاص وايضا تكون قيمته المادية في السوق مرتفعة كثيرا عن نظيره الذي تدخل الآلات الحديثة في انتاجه.
ومن ثم انضمت السلطنة الى عضوية الاتحاد العربي للصناعات التقليدية بالنظر إلى تشابه التراث العربي وتناقل المهارات اليدوية في الانتاج بين العرب جميعا باعتبارهم ذوي اصل واحد ، كما تخصص السلطنة يوما سنويا للاحتفال بيوم الحرفي العماني ويوافق غدا الثالث من مارس لتخليد مهارات الصانع العماني واستعداده للابداع والعطاء ، وقد توجت المناسبة بمسابقة السلطان قابوس للإجادة الحرفية من اجل تحفيز قدرات الحرفيين العمانيين المبدعين الى الإجادة والتطوير. كما انضمت الهيئة العامة للصناعات الحرفية الى مجلس الحرف العالمي للمساهمة في المسيرة العالمية للحفاظ على التراث وايضا للاستفادة من المعلومات والدوريات والفعاليات الثقافية المرتبطة بهذا القطاع ، وقد اشارت معالي الشيخة رئيسة الهيئة العامة للصناعات الحرفية الى إنشاء 15 مركزا للتدريب والانتاج الحرفي على مستوى السلطنة مما يجعلنا نتوقع مستقبلا باهرا لهذه الصناعة الوطنية وحتى تسافر باسم عمان وهويتها الوطنية في كافة المعارض والأسواق الدولية.