طقوسه السَّحَر والصمت والجنون
نبيل البوسعيدي لـ"الوطن": عند الكتابة أجد نفسي طاقم التمثيل بأسره
حوار ـ ناعمة الفارسي:
سجل الكاتب والفنان نبيل بن خلفان بن خميس البوسعيدي حضوره في الصحف المحلية، حيث نشر مجموعة من القصائد والخواطر والنثر والمقالات والقصص في الفترة من 1997م إلى 2005م. كما سبق له الحضور الأدبي في عدد من المجلات الخليجية المعروفة. إلى جانب حضوره المتميز في مجال التمثيل من خلال مسلسل "الدنيا حظوظ" و"الشعر ديوان العرب"، كما أننا نترقب إطلالته في "حواليس" الذي سيعرض في رمضان القادم.
عندما نتحاور مع شخصية تختزن بداخلها عدة ضروبٍ أدبية وتجمع بين دفتيها الشعر والنثر والخاطرة والقصة والكتابة المسرحية، فإن المقام بنا يطول لنسبر بعضاً مما يجول بذلك الفكر وما يسطره من عطاء يضخه هنا وهناك..هكذا هو نبيل البوسعيدي واحد ممن تجد في حديثه ما يروي فضولك وشغفك بضروب الإبداع الفني والأدبي، التقته "الوطن" فكان هذا الحوار:
* عرفناك شاعرا وكاتبا مسرحيا، متى بدأ ذلك وكيف ارتبطا معا في بوتقة واحدة وهل تمارس ضروبا أدبية أخرى ؟
** كلاهما مرتبط بالآخر..أنا شاعر بالفطرة، ولدت في بيئه مثقفة فأخي شاعر وأختي قاصة..كنت أرتجل الشعر منذ طفولتي، ولكني لم أكن أعلم سجاياه إلا عندما طلب مني أخي أن أرد على إحدى القصائد التي أرسلت إليه، وحببني في الشعر أكثر صديق جدي رحمة الله عليهما .. كان ينشدني شعرا كلما قدته إلى منزله إلى أن استقر الشعر في أنفاسي..!!
أما وجه الارتباط بين الشعر والمسرح، فيعود لارتباطي بجماعة المسرح المدرسي والكشافة، إذ ألفت بعض الاسكتشات المسرحية التي تم تم تمثيلها، وكنت أقوم بدور المخرج ،أفهمهم الفكرة وأشرح لهم، وأكون بينهم من ضمن كادر التمثيل ،ولذلك اعتلث أحدهما بالآخر ..كلاهما رسالة .. ولكن الشعر رسالة روحية مقروءة، وأما المسرح فرساله مرئية ومثلما قيل "اعطني مسرحا أعطك شعبا مثقفا".
أكتب في كثير من المجالات الأدبية منها: الخاطرة والنثر والمقال والقصة والرسائل الأخوانية، وأحاول التجديد في كتاباتي ،ومزج بعض المجالات الأدبية بعضها ببعض من باب التجديد في الأسلوب الأدبي، وأيضا في بعض الأحيان أمثل على الشاشة الفضيه.
* يتربع اسمك على قائمة المنتديات الأدبية والشعرية، ما الفائدة التي يجنيها الشاعر أو الأديب من حيث التواجد والنشر في هذه المنتديات، هل هو حب الظهور أو النشر بلا قيود وحدود، أم لك تعليل آخر ؟
** أتفق معكِ في بعض النقاط، وخاصة فيما تعلق بالرقابة الألكترونية فأنا مازلت مقيدا في بعض الكتابات وأحتفظ بها عندي إلى أن يحين موعد خروجها.. أجد أنه التلاقح في الأفكار مما يجعلك تنتج في رحاب الأدب بتوسع .. تجد هناك النقد البناء تارة والإطراء تارة أخرى رغم أن النقد البناء لا سبيل له إلينا في عالم المنتديات .."من دخل ذلك العالم يجب أن يفيد ويستفيد" تلك العبارة التي دائماً أرددها في بداية دخولي لأي صرح أدبي.
* متى اكتشفت نفسك كاتبا مسرحيا، وما وجه الاختلاف بين كتابة النصوص المسرحية وباقي الفنون الأدبية؟
** عند التحاقي بإحدى الدورات في مجال المسرح والتأليف التي كان ينضمها مسرح الشباب في عام 2002م ،وفي الوقت ذاته، كنت ملتحقاً أيضا بدورة تصوير تلفزيون وإنتاج في النادي العلمي مما ساهم في تحسين التأليف المسرحي وفن الإلقاء لديّ..وأذكر أنه طُلِبَ منا أن نألف نصا مسرحيا أو أن نأتي بنص مسرحي، وفي اليوم ذاته نشرت لي قصيدة فقرأها المخرج والمسؤول عن الدورة وقال لي: هل تستطيع أن تحولها إلى مسرحية؟ فأجبت: نعم ..وكتب أول نص مسرحي شعري بعنوان "حقيقة المرسى" .
عند كتابتي النص المسرحي أجد نفسية الكاتب، الممثل، المخرج، مصمم الديكور، فني الإضاءة، فني صوت..أجد نفسي كل الكادرأو طاقم التمثيل وأجدني ملما بكل تلك العناصر في طريقة السرد التي لا يمكن أن تعبر عنها بأسلوب أدبي آخر، رغم أنه لكل واحد أساسيته في المسرحية، والنص المسرحي مرئي وتصل الرسالة سريعاً للمتلقي إن لم تكن عن طريق الحوار فبطريقة الإيماء أو بطرق أخرى .. والمسرح عالم يقودنا لابتكارات وارتجال على خشبته، وكل شيء على خشبة المسرح يوحي لك بفكرة معينة داخل المسرح، رغم أنه استغلال للمسرح إن أمكن بأكمله في العرض، أما النصوص الأخرى فتجد ما بينها ارتباط واحد: عنصر مقروؤ وغير مرئي من ناحية التطبيق الحركي والحواري والسرد البلاغي ,وتجد في بعض النصوص أنها قصيرة وقريبة من النص المسرحي ولكن لم يكن فيها الإشباع التام في السردية الأدبية.. وله مميزات أخرى تختلف من ناحية الربط الفكري والحبكة المسرحية في السردية.
* ما هي أبرز مشاركاتك الشعرية والمسرحية على المستوى المحلي، وهل لك مشاركات خارجية مثلت فيها السلطنة ؟
** أحييت أمسيات بعدد أصابع اليد وذلك لارتباطات العمل ولكن كثيرا ما يطلبون مني بعض قصائدي لكي تلقى في الأمسيات والمناسبات بلسان غيري رغم أن لدينا ملتقى شبه أسبوعي وهو ما اسميناه بـ "شلة الإبداع" التي نفتخر بتكوينها بأركانها الأربعة وهم عاشق السمراء، الشتاء الأخير، بركان الغضب والعاشق المجنون أصغرهم، وفيها يأخذ كل منا برأي الآخر في سرد كتابتها ونجعل أفكارنا مرتبطة في تحقيق مآربنا ومشوارنا الأدبي، أما المسرح فيطلب مني بشكل مستمر كتابة بعض الاسكتشات المسرحية، أو أن أبدي رأيا في أحد النصوص المسرحية..وأنا أحد أعضاء فرقة الصحوة المسرحية التي أكن لها كل الاحترام والتقديروقريباً نصان سيخرجان للنور بإذن الله ..ومن ضمن المشاركات الخارجية، قدمت "عريسين في بلاد الغرب " وهو نص مسرحي من فكرة الإعلامي خالد الراشدي وقد عرض في ماليزيا وقيل لي إنه ترجم باللغة الإنجليزية ولكن لم تصلني نسختي.
* هل لنا أن نتعرف على عمر التجربة مع إبداعاتك الشعرية والمسرحية وأبرز أعمالك في ذلك؟
** الشعر تم تدوينه في مدونتي الأدبية منذ 1992م على وجه التحديد أما المسرح فمنذ 2002م بدأت أدون كتاباتي بالرغم من أنني كنت أؤلف في المسرح منذ زمن ولكن بدون تدوين.
* متى يجد نبيل البوسعيدي نفسه شاعرا ومتى يكون كاتبا، وما هي طقوسه وأوقاته الخاصة التي تلهمه الإبداع ؟
** عندما يخيم علي الجنون، وأخاطب النفس، أجد الشاعرية تنبجس من بين أوصالي وأبحر في سلك الشعر .. الكتابة ليس لها وقت محدد لأني أكرس فكري لاستيعاب نصي الجديد، وأفرغ ما بداخلي وأصبه في كاغد صم .. أفضل وقت السحر ،حيثما يقبع السكون وطقوسي بين الصمت والجنون.
* بالنسبة لمحطاتك الشعرية ماذا تكتب ولمن، وأي الفنون تأخذك أكثر وتجد نفسك تبحر فيها بلا قيود ؟
** أكتب الجنون .. ولفصل الجنون فصلي الخامس .. ولتلك الشمس التي لا تشرق إلا في حنايا روحي .. لأجمل الطبيعة التي تترجم مشاعرنا .. والعقل الباحث عن نفسه في زمن الاحتباس .. ولقلب ينبض بالشفافية..أعشق التنوع في كتاباتي والتلاعب باليراع كيفما أشاء.. وأجد ضالتي في الرثاء لتلك النفس التي تستوطن إرهاصة الجنون !!
* هل لك أن تطلعنا على أهم إصداراتك الشعرية والمسرحية ؟
** لي أربعة دواوين جاهزة ،ولكن لم تخضع للتدقيق اللغوي ولم أوثقها بعد .. أبحث عن مدقق منذ أمد بعيد يفيدني في مسيرتي الأدبية ولا يكسر مجاديفي فلا عمل بلا أخطاء، وإن حرص المرء على ذلك ،لأن النقد اللاذع لا يرحم في عصرنا ولأن الناقد يأخذ السلبيات من وجه واحد فقط ،ويترك الإيجابيات في مهاوي الردى ولكني بصدد أن ترى كتاباتي النور إن شاء الله بعد إلحاح الكثيرين من أهمها في الشعر "مرثيات نفس" و"أبجدية جمال النفس" و" لغة الحب" و "إشراقات جنونية" في عام 2004م .. تم الانتهاء منها ولكن لم توثق بعد .
أما المسرح فلي مسرحية "أنا من أنا" ومسرحية "مدينة الصمت" و"لا تقل إني معاق" و"عريسين في بلاد الغرب" و"حقيقه المرسى" ولكنها لم توثق بعد، وأحرص جاهدا على تأليف كتاب كل سنة أو على مدى السنتين والله الموفق لما يحب ويرضى.
* ما هي المحطة المهمة التي تجد نفسك تفخر بها كثيرا سواء كان بالنسبة لكتاباتك الشعرية أو المسرحية، وما هي أكثر الأعمال اعتزازا وفخرا وقربا من ذاتك ؟
** أعتز وأفتخر بكل كتاباتي ،الركيك منها والقوي، لأنها لبنات أفكاري والأجمل ما في كتاباتي أني أؤرخ ما أنسج كي تكون ذكرى..في الشعر .. ديوان "مرثيات نفس " وبالأخص طارقة موت.. أما المسرح عندما عرضت لي مسرحية " لا تقل إني معاق " عرضت في مركز المعاقين بالسيب والجمعية في عام 2003م للمخرج الشاب فيصل المحرمي .. يومها بكيت من شدة الفرح.. ولكن يظل كل جديد تكتبه تعتز وتفتخر به أكثر لأنه حديث الولادة وكلما ولدت فكرة جديدة زاد الاعتزاز بها والافتخار.
* ما هو جديدك وأين يرقى طموحك ؟
** رواية شرعت في سردها بداية هذا الشهر ووجدت انتقادات في فكرتها، ولكني مصر على كتابتها في مزج بين الواقع والخيال فما أجمل أن تمزج بين الواقعية والرمزية رغم ميولي للواقعية. كما أنني منكب على البحث في الوقت الحالي لتأليف كتب مجمعة من الماضي والحاضر في كتاب واحد والآن مر عليه سنة كاملة ومازال لم يكتمل بعد..
الطموح غاية لا تدرك، ما دام لي نبض أرسم هدفا وأحققه، ثم أرسم هدفا جديدا وأحققه ..وعما قريب سوف أنشئ موقعي الالكتروني الخاص إن شاء الله على موقع مدائن القلم.
منقول
شكراً جزيلاً لـ الأخت ناعمة الفارسي وجريدة الوطن لٌلإستضافه ...!!
دمتم كما ينبغي ..
تحياتي الجنونية ..
