هل الرجال يبكون؟ سؤال قد يصبح في بعض الأحيان تعبيرا عن وقوف البعض مستغربين أمام حالة رجل اختار أن يبكي ليعبر عن حزنه أو فرحه، وفي حالات أخرى عن إحساسه بالضياع والوحدة، إذا فكل رجل في هذه الحياة معرض لذرف الدموع لأنه إنسان لديه أحاسيس ومشاعر وقلب.
لكن للأسف يحاول الرجل دائما أن يبكي بعيدا عن أعين الناس، وفي غالب الأحيان تقترن رؤية الرجل يبكي في حالة موت أحد أقاربه مثلا، أو فشل في علاقة عاطفية، والرجال يبكون كذلك عند فقدانهم للأم أو الأب.
غير أن الأمر يختلف لدى النساء، لأن البكاء هو صفة لصيقة بالنساء، وهو وسيلتهن الناجعة للدفاع عن أنفسهن، ودموع المرأة غالبا ما تكون كاذبة، أما الدموع عند الرجال فمردها الكآبة أو الإحباط أو الإحساس بالاحتقار؟... وهناك من النساء من تكون ضعيفة أمام بكاء الرجل، كما أن هناك من يحتقر الرجل بمجرد ذرفة دمعة واحدة حتى ولو كانت زوجته، والمجتمع المغربي يرى أن الرجل باعتباره رب البيت أو ينتمي إلى الجنس الخشن وباعتباره متمرسا على متاعب الحياة، غير مسموح له بالبكاء.
وعندما يبكي الرجل فانه يصبح قصة يتداولها الناس فيما بينهم، لأنه انحرف عن القوانين التي حددها المجتمع لسلوكه وجنسه. وفي العلاقة العاطفية نجد الشاب المخلص المحب بصدق، يبكي إذا اكتشف في حبيبته الخيانة أو نكران الجميل، لأنها حينها تكون قد جرحت مشاعره وأفقدته الثقة في نفسه وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة، وعندما يبكي فهو يحاول توبيخ نفسه أو تعذيبها على الفشل الذر يع الذي آل إليه، وأولئك حسب رأيي هم الرجال الحقيقيون بدل الذين يعنفون الجنس اللطيف ويستهزئون من العلاقات العاطفية.
وللتذكير فقط، فالمرأة تعايش الأحلام طيلة حياتها ربما لطبيعة الحياة التي نحياها والظروف التي تصادفها طيلة حياتها، ونجد كذلك أن العاطفة ضرورية في حياة كل امرأة ورجل، فإذا تزوجت الفتاة مثلا، قد تتزوج عن اقتناع تام بغض النظر عن الجمال والقوام أو الوسامة، وبغض النظر عن أنها قادرة على استعمال كل أسلحتها لنيل قلب رجل أو للتخلي عنه، ومن ذم يمكن القول أن الرجل والمرأة خلقا للزواج لأنها سنة الحياة.
ومن خلال العلاقة التي تجمع بين الجنسين، نجد أن المرأة تبكي والرجل يبكي، لكن الأولى تتصنع البكاء والثاني يبحث عن نفسه ومن أراد إكمال سيرته في الحياة عليه الاعتماد على الحب الصافي الذي هو نسيج عاطفي وإنساني تحاصره الصداقة والرغبة الكبيرة في إنجاحه، وإدراك المعنى الحقيقي للسعادة!!
ولنتذكر جميعا نساءا ورجالا، أن الإنسان الذي لايحب يحتاج إلى العلاج، لأن الحب قوة روحانية وحافز إلى النجاح واثبات الذات ويبقى الحب هبة هذه الحياة، لكن المجتمع مصر على نعت المحبين بالجنون، رغم إدراكهم بأن الحب ليس فيه شيء مخجل، لكنه من الأحاسيس التي تستوجب الفخر والاعتزاز، ويعطي الضوء الأخضر للقلب لكي يعبر ولكي يعطي تعريفا صريحا لشخصية المحب، والحب الصادق طريقه واحدة ونهايته معروفة: الزواج وتكوين أسرة تحت مظلة التفاهم والاحترام والصدق.
إذن فليبكي كل من أحس بلحظة ضعف أو بخيانة حبيب أو حزنا أو سعادة لأن البكاء جزء من تفاصيل جسدنا التي تترجم مشاعرنا.
مجنونة العاشق المجنون.
