الجلوة الأخيرة
(1)
تمر القطارات ـــ هابطة ـــ في أفول المغيب
وتجلو العصافير ـــ صاعدة ـــ في الفضاء الرهيب
وتبقى الشجيرات ـــ ثابتة ـــ في اهتزاز مهيب
وتسحب كوفية الحقل أطرافها لتداري الذبول
وتدمع شمس النهار ـــ لدى النظرات الأخيرة ـــ فوق الحقول
(2)
النهر آت انه زمن يجئ
نزهو به ونعود من زمن الأفول
النهر آت انه شرب الدماء من الصحاري
ومن الدموع الجاريات مصب نيل
وارتوى وقت الأصيل
النهر آت يا صبايا يا ملاح
النهر آت يا شيوخ يا شباب
النهر آت فارفعوا أصواتكم بالأغنيات
ومن الصباح إلى الصباح
وانقشوا أزهاركم
طفلا وطمثا ينتشي وقت الهطول
النهر يطلق ضفتيه ـــ على المدى ـــ قمحا أصابعه نخيل
(3)
هم الآن يستقطرون دمع الطفولة
يستحلبون من الثدي ماء الحياة
يجوسون في الصدر بالقدم القاسية
يدقون حد الحدود على الضفة الباقية
وفوق الطلول
يقصون من باطن الأرض جذر الرجولة
يجيئون من البحر والسفن الراسية
يجيئون للنهر ـــ كي يأسروه ـــ وليس سواه
فيصطك سمع الزمان وسمع المكان بقرع الطبول
(4)
النهر آت ، انه يهوى القرى
ويلف إصبعه على بوابة الطمي الغني
يفض بكارة الصحراء
يطلقها لهيبا من حقول
في مواسم الفيضان ثانية يعود
يفض بكارة الصحراء والحقل الجديب
وما تعود أن يزور مرابعا
فضت على أيدي الغريب
(5)
يا نهر عروسك تمساح
تمساحك قنديل
قنديلك أغريض
يضوى في الصدر مواعيد
ومواجيد ومواويل
ولهذا
وحدتك في الظلمة والضوء
وصدقتك في كل الأشياء
فلماذا يركبني الترحال
ويضنيني التسئال
وينفثئ القلب كبالون الأطفال
صوت النهر صوت واحد
يبغى الوصول ولا يصل
نهر وحيد غاضب
متوحد لا ينفصل
فنا أجبروه
وما قيدوه
وليس لهم جدولا من عسل
ــــ خاتمه ــــ
النهر آت ...... فارحموه
أكل الشباب وما تعود منكموا أن ترجموه
النهر آت ـــ في جلال الموت ـــ
ينشد للحقول حكاية الموت الأخيرة
فاسمعوه
- الموت سيدكم
وتلك جنازة الأرض الكبيرة
فاسمعوا قرع الطبول
أحمد سلطان ،،،
