أمتي هلمي ثم نامي....بعيد عنا تسونامي..!
بسم الله الرحمن الرحيم
يمم بوجهك ولا تتردد ، حث الخطى ولا تتلكىء ، سارع ولا تتلفت
كن كالسهم منطلقا ، كالسيف فاصلا ، كالرمح غارزا
علك تنال السعاده ، تدرك الفلاحه !
كم لك من مطايا لم تضرب بها بطون البراري والصحارى ؟
هي فرصه لا يسبقك إليها أحد ، لا تخف فتسونامي بعيد عنا ، ماله ولنا ؟
ما عسى بغيته بنا ، فالأرصاد الجويه أكدت أن تسونامي بمنأى عنا
فاطمئنوا ، ومن ثم كونوا مع النيام !! .
ما عسانا نسطر ، أحيانا يعتب علينا اليراع ، وعلم الله نستحيي من أنفسنا
أن نمتشقه في طرق موضوع قد طرقناه آنفا ، ولكن ماذا نصنع ؟
والبلاء قد حط رحله على أبوابنا ، والنذر من ربنا العفو الغفور، العزيز المنتقم
قد توالت علينا حينا بعد حين ، وقد أبصر العالم جميعه ما حل بمن
قربت منا ديارهم، وفيهم المسلم ! .
اسمع أخي الكريم :
يروى أن رجلا كان يتخلف عن الصلاة، ولما سأله الناس
عن سبب ذلك ، قرأ قول الله عز وجل : ( لا تقربوا الصلاة ) جزء من الآيه 43 من سورة النساء
فقالوا له : اقرأ الذي بعده ، فقال : الذي بعده هو القرآن كله !، فمن يعمل بالقرآن كله ؟ .
صدقك وهو الكذوب ، ترى من ذا يعمل بالقرآن كله من أمتنا بهذا العصر ؟
ومن ذا يزعم أنه تعهد الأوامر والمناهي الشرعية بالامتثال والاتباع ؟
فما ترك أمرا إلا وفعله، ولا نهيا إلا واجتنبه ، وهل حالنا - حقا وصدقا - سيكون
هو الحال المعاين إن كان القرآن كله معمول منا ؟ .
حال بعضنا كحال ذالكم الرجل ، يأخذ ما يريده، ويدع ما عنه يرغب
يجري حيث يبتغي هواه ، ويمني نفسه بأماني
وكأنه أخذ عهدا على الله بأنه أول ناج ، وضمن الفوز في الآخره !
فلا يسبقه سابق ، متناسيا فعاله وصنائعه ، وهي كالطوام ! .
فتراهم يسبغون على أنفسهم المرضاة الربانية ، وهم قد قاموا وقعدوا
على عصيان الله تبارك وتعالى ! .
وتراهم يطمئنون ذواتهم بأن ما حل بديار غيرهم بعيد عن ديارهم
فهم على أرض، وأولئكم على أرض ! .
وتراهم يفسرون الحوادث بما يشتهون ، وما يرغبون ، وينأون عن تفسيرها
بما يضيق عليهم عيشهم، علهم لمصانعهم يخلدون ، ولمتاعهم عنه لا يتحولون ! .
نعم ، فلتنثر السعادة والبهجة بالممرات، والشوارع، والطرق، والدروب
وما عساكم تنكرون علينا ؟، مالكم وللتنطع في الدين ؟، ما بالكم تضيقون فسيحا ؟
ما شأنكم تحجرون واسعا ؟، دعونا وقومنا !، فقد مللنا سمع أحاديثكم
عن الصلاح، والكفاح، والجهاد ! .
دعونا أيها المتفيهقون المتنطعون ، واسمعوا ما صدع به كبيرنا لكم
فقد سماكم والله : أبو جهل !! .
أتدرون لم سماكم بذا ؟ لأنكم رفضتم التطور، والتقدم، والانفتاح على العالم الخارجي
وأردتم الأنغلاق، فكنتم له أحقاء !، وعنه غير نزهاء !! .
هذه صورة صغيره عن مجتمعات الرفاهية ، لا مجتمع العقيده الإسلاميه
وقد تقصدنا القول : " للرفاهية مجتمعات " ، وليس " للعقيده الإسلامية مجتمع "
إذ مجتمعاتنا لا تتباين عن بعضها بعضا ، إلا بمقدار نسبي ، يزيد هنا، ينقص هناك
أو العكس، ولا فرق ، والأهم أن تلكم الظواهر لا تجدها في مجتمع العقيده .
أفترى مجتمع العقيده ينثر السعادة والبهجة بالشوارع، وعلى مشاتها ؟!
وينسى من هم تحت نير اليهود والنصارى ؟!، وهم أحق بالمواساة
ونثر البهجة عليهم، فأي جيل ترى نعايشه ؟ .
أترى مجتمع العقيده يجهر بالفسق في الشوارع ويحرض على السفور
والأختلاط وأعلان المنكرات ؟ .
أي جيل قد أبصر ما حل بأكثر من مئة ألف نسمه، وبديارهم في سويعات قليله
ولا زال يمني نفسه، ويطمئنها، ويصدع : " ما تتعرض له البلاد لا علاقة له بما يسمى
بظاهرة تسونامي، أفلكم من الله عهد أو ميثاق ؟ وقد جعلتم كتابه الكريم ظهريا !! .
ولكنه الافتتان بالحياة الدنيا، والأغترار بما تملكتموه من وسائل منها ووسائط
وبانفتاح زهرتها عليكم، حتى قد هان لديكم المنكر، وثقل عليكم الأمر بالمعروف
وغفلتم عن قول الله تعالى : ( أفرأيت إن متعناهم سنين، ثم جاءهم ما كانوا
يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) الآيات 205 حتى 207 من سورة الشعراء
وقوله سبحانه : ( فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين
ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون )، الأيه 165 من سورة الأعراف .
ويقول الحق سبحانه : ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوارة والأنجيل
وما أنزل إليكم من ربكم ) الآيه 68 من سورة المائده، "
ومن وزن حال المسلمين اليوم وقبل اليوم، فإنهم وإن حملوا القرآن، وحفظوه غيبا ....
ولكنهم عن معانيه غافلون ...، والعبرة للمسلم ..
أن يعلم أن المسلمين لا يكونون على شيء يعتد به من أمر الدين حتى يقيموا القرآن
وما أنزل إليهم من ربهم فيه، ويهتدوا بهدايته، فحجة الله تعالى على جميع عباده واحدة
فإذا كان الله تعالى لا يقبل من أهل الكتاب قبلنا تلك التقاليد ... فأن لا يقبل منا مثل
ذلك مع حفظه لكتابنا أولى، والناس عن هذا غافلون .. "
ليس كلهم غافلون !، بل منهم ممن هم يعلمون !، ولكنهم عن الحق يحيدون
وبحب الدنيا يهيمون !، وبالمال مفتنون !، فتراهم قد نهضوا نهضتهم لخدمة المال ليس إلا
وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " والله ما الفقر أخشى عليكم
ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها
كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ".
فمجتمع العقيده لا يرتضي حياة الأنفصام بين واقعه العملي وبين ما تفرضه عليه
عقيدته وشريعته الربانية، ولا يختزل الشريعه في أحكام ينتقيها دون أحكام أخرى
بل بين العقيدة والشريعة صلة ما بين الروح والجسد !، وحينما ارتضت مجتمعاتنا أن
تعيش في قوالب غربيه، وبعضها الآخر حيا ردحا من الزمن بقوالب شرقيه، ظهرت
الأوجاع وضرب على ذلا لن ينزع إلا بالعود لدينها .
أمتي هلمي ثم نامي ، بعيد عنا تراه تسونامي ، مقصودنا به :
أولئكم الذين طبع على قلوبهم، فهم لا يفقهون، ولا زالوا يصرون على المجاهرة
بالعصيان، والمنكرات، والرذائل، سعيا وراء جمع المال، وزيادة الدخل
لا كثر الله تعالى الحرام، وناتج دخل الفرد، وأنعم بناتج يجلب سخط الله تعالى
وغضبه، وأكرم لأبي جهل غرسه وزرعه ! .
أمتي هلمي ثم نامي، بعيد عنا تسونامي !! .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" لم تظهر الفاحشة في قوم قط إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في
أسلافهم، ولا نقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان
عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم
ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم وأخذوا بعض ما كان في
أيديهم، ولم يحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم "
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة " .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن
ويكثر الهرج - وهو القتل القتل - حتى يكثر فيكم المال، فيفيض " .
عن زينب بنت حجش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا
يقول : " لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب : فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل
هذا، وحلق بأصبعه وبالتي تليها، فقالت زينب : فقلت : يا رسول أنهلك
وفينا الصالحون ؟، قال : نعم إذا كثر الخبث " .
فيا أمتي هلمي ، ونامي ، أو لا تنامي !، فإن تسونامي : لا حراك له
ولا تدبير لنفسه، ولا تفكير فيه، ولا تقدير لشأنه، وما هو إلا من خلق الله
وليس على الله بعزيز أن يسلط عليك، وأنت على ما أنت عليه من المعاص
والذنوب أصغر خلقه، وأقلها شأنا بنظرك، فإليه سبحانه وتعالى توبي .
منقول
