الأمور التي تحرم بسبب الإحرام
الأمور التي تحرم بسبب الإحرام
يحرم بالإحرام الأمور الآتية
(1) الجماع ودواعيه
مثل القبلة ، واللمس بشهوة ، والتعرض للنساء بفحش القول .
(2) الخروج عن طاعة الله تعالى
وهو قبيح في غير الإحرام ، ولكنه أثناء الإحرام أقبح وفي الحرم مع الإحرام أشد قبحا ، مما لو كان مع الإحرام فقط ، أو في الحرم فقط .
(3) المخاصمة مع الرفقة والخدم وغيرهم لقوله تعالى
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
ولأن الجدال المثير للغضب ممنوع شرعا .
(4) لبس المخيط بجميع أنواعه
والمراد بالمخيط في الملبس هو ما يحيط بالجسد أو بعضه بخياطة أو غيرها .
والأصل في هذا الباب حديث ابن عمر المتفق عليه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس
قال الإمام النووي في شرح مسلم وهو يشرح هذا الحديث : قال العلماء : هذا من بديع الكلام وجزله ، فإنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبسه المحرم فقال : لا يلبس كذا وكذا فحصل في الجواب أنه لا يلبس المذكورات ويلبس ما سوى ذلك - وهذا من الأسلوب الحكيم - وكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر ، وأما الملبوس الجائز للمحرم فغير منحصر فضبط الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم : لا يلبس كذا وكذا : يعني ويلبس ما سواه ، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم لبس هذه الأشياء وأنه نبه بالقميص والسراويل على جميع ما في معناهما وهو كل ما كان محيطا (أي أعد من الأصل ليكون محيطا بالجسم مثل القميص والسروال والجلباب ، بخلاف إزار الإحرام فإنه لم يفصل ليكون محيطا إذا لبس ولكننا نجعله محيطا بصنعتنا ولفنا إياه حول أجسامنا) وكذلك نبه بهما على ما كان مخيطا (خياطة مفصلة بحيث يكون) معمولا على قدر البدن أو قدر عضو منه (مثل الملابس التي تفصل على قدر الرأس أو الصدر أو الساق أو الذراع إلخ) .
ونبه بالعمائم والبرانس - نوع يغطى به الرأس - على كل ساتر للرأس مخيطا كان أو غير مخيط حتى العصابة (التي تلف حول الرأس مثل الرباط) . فإنها حرام ، فإن احتاج إليها لشجة أو صداع أو غيرهما شدها ولزمته الفدية .
ونبه بالخفاف على كل ساتر للرجل من مداس وحذاء وجورب وغيرهما...
وهذا كله حكم الرجال ، وأما المرأة . فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر من مخيط وغيره إلا ستر وجهها فإنه حرام بكل ساتر ويعفى عن جزء يتم به ستر شعر رأسها ، لأن كشف الشعر حرام ولا يتم ستر جميعه إلا بستر جزء من أعلى الجبهة . أما ستر يديها ففيه خلاف بين العلماء وهما قولان للشافعي أصحهما تحريمه ، ولذلك يحرم عليها لبس القفازين.. ورخص فيهما علي وعائشة وعطاء والثوري وأبو حنيفة .
ونبه صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران على ما في معناهما ، وهو الطيب فيحرم على الرجل والمرأة جميعا في الإحرام جميع أنواع الطيب ، والمراد : ما يقصد به الطيب ، وأما الفواكه كالأترج والتفاح وأزهار البراري كالشيح والقيصوم ونحوهما فليس بحرام ، لأنه لا يقصد للطيب...
قال العلماء : والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم وفي لباسه : الإزار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل ، وليتذكر أنه محرم في كل وقت فيكون أقرب إلى كثرة الذكر ، وأبلغ في المراقبة وصيانة العبادة والامتناع عن إرتكاب المحظورات ، وليتذكر به الموت ولباس الأكفان ، ويتذكر البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة مهطعون إلى الداعي.... والحكمة في تحريم الطيب والنساء أن يبعد عن الترفه والتلذذ وزينة الدنيا ويجتمع ، همه لمقاصد الآخرة .
وأمر صلى الله عليه وسلم بلبس النعلين - وهما لا يصلان إلى الكعبين ، ويمسكان في الرجل بسيور- فمن لم يجد نعلين فليلبس خفين - وهما يخفيان القدم بجلدهما ويرتفعان أعلى من الكعبين - وقال صلى الله عليه وسلم : وليقطعهما أسفل من الكعبين (ليكون فيهما شبه بالنعلين) .
وجاءت روايتان في صحيح مسلم إحداهما عن ابن عباس والأخرى عن جابر رضي الله عنهما ، مفادهما أن من لم يجد إزارا فليلبس سروالا ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين ، ولم تذكر الروايتان الأمر بقطع الخفين ولذنك اختلف العلماء في الحديثين فقال أحمد : يجوز لبس الخفين بحالهما ، ولا يجب قطعهما ، لأن القطع منسوخ بالحديثين المذكورين .
وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : لا يجوز لبسهما إلا بعد قطعهما ؛ لأن المطلق يحمل على المقيد ، كما اختلف العلماء فيمن يلبس الخفين بدلا من النعلين لعدمهما ، هل عليه فدية أم لا ؟ فقال مالك والشافعي ومن وافقهما : لا شيء عليه ؛ لأنه لو وجبت فدية لبينها النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو حنيفة وأصحابه عليه الفدية . ا هـ بتصرف قليل .
(هذا) ومن لم يجد إزارا فلبس سراويل هل يشقها أو لا يشقها ؟ قال الشافعي وأحمد لا يشقها ولا فدية عليه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بلبسها ولم يذكر فدية وقال مالك والأحناف إن لم يشقها وجبت الفدية .